رؤى عامة حول المشروع
الشامل لتطوير المناهج في وزارة التربية والتعليم
الحمد
لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
المشروع
الشامل لتطوير المناهج:
أولاً : الفكرة وعقبات التنفيذ الأولى:
بدأت محاولات التطوير النوعي
في المناهج في عام 1418هـ، وواجهت تلك البدايات التطويرية مشاكل رئيسة تتعلق
بالعاملين في مشاريع التطوير، لعل من أبرزها عدم تأهيل القائمين على مشاريع تطوير
المناهج بما يتناسب والمهمة المناطة بهم، يضاف إلى ذلك عدم الإلمام بالجديد في
التربية، وعدم معرفة أوضاع الدول الأخرى تعليمياً.
وقد تم العمل على حل تلك
المشكلة ببرامج مركزة تشمل دورات تدريبية وزيارات وورش عمل والابتعاث والتفريغ
للدراسة مع التركيز على مهارات صناعة المنهج بما في ذلك أساسيات تأليف الكتاب
المدرسي ومرفقاته والتصميم التعليمي.
نتيجة لذلك تم بناء فرق عمل
مؤهلة وخبراء في صناعة المنهج في فترة تعتبر قصيرة جداً في العرف التربوي، وبرز
تميز أعضاء الإدارة العامة للمناهج في كثير من الورش واللقاءات الدولية الإقليمية
التي شاركوا فيها. وكانت الخطوة التالية المتوقعة، هي أن تقود هذه الخبرات عمليات
التطوير الشاملة للمناهج في وزارة التربية والتعليم.
ثانياً: الرغبة غير المدروسة في عدم المركزية في
العمل:
لعل رغبة بعض المسؤولين في
الوزارة في التخفيف من المركزية ومن سيطرة النظام الهرمي الذي يركز الصلاحيات لدى
صانعي القرار في جهاز الوزارة، والرغبة في إعطاء صلاحيات أكبر للمناطق التعليمية
هو الدافع إلى توزيع العمل في مشروع التأليف على مناطق التعليم .
صدرت قرارات تشكيل لجان
التأليف في مناطق مختلفة من المملكة: الرياض ثلاث فرق (تربية إسلامية، تربية
بدنية، تربية نسوية، الشرقية فريقين (الحاسب الآلي، الدعم الفني) ،جدة فريق واحد
(اللغة العربية)، مكة فريق واحد (التربية الفنية والمهنية)، القصيم فريق واحد
(الاجتماعيات).
والملاحظ أن فرق التأليف لم
تتضمن الخبراء الذين تم إعدادهم للقيام بتلك المهمة- ماعدا استثناء يسير في
التربية الإسلامية- ، كما أن اختيار المؤلفين تم بناء على معايير قد يدخل ضمنها
التميز في التدريس والجدية في العمل وغير ذلك، ولكن هذه المعايير هي التي استخدمت
في بدايات تطوير المناهج في عام 1418هـ وثبت قصورها، إذ أن الأكاديمي أو المعلم
الناجح ليس مؤلفاً بالضرورة.
ولعل أبرز نواحي القصور في
اختيار فرق التأليف في المشروع الشامل تتمثل في انعدام عناصر رئيسة مثل: مختص في
القياس والتقويم، مختص في علم نفس النمو، مختص في التصميم التعليمي، مختص في اللغة
العربية، بل إن بعض الفرق لا يوجد فيها تربوي مؤهل بشكل كافٍ مثل فريق الحاسب
الآلي، إضافة إلى الضعف العام في مهارات التصميم التعليمي والتصميم الفني لدى العاملين
في شتى الفرق.
ثالثاً: أبرز مؤشرات القصور في عمل فرق التأليف في
المشروع الشامل:
1. عدم مراعاة خصائص النمو للطلاب، حث يلاحظ على بعض
المنتجات (كتاب الطالب)، أنها لم تُعدْ لتناسب السنة الدراسية المخصصة لها، إما
لصعوبة شديدة في الصياغة تناسب مراحل أعلى، أو للتبسيط الشديد الذي لا يحترم عقل
الطالب (عللت بعض الفرق ذلك لعدم وجود مختصين في خصائص النمو، أو لعدم وجود
تربويين مؤهلين).
2. سؤ الحبكة الفنية للأمثلة القصصية (الحاسب الآلي
مثلاً)، ويتمثل ذلك في عدم الدقة في
اختيار أسماء الأشخاص، تناقض الرواية،
البناء المنطقي للحوار..الخ، (لعل السبب هو حداثة تجربة تأليف الكتاب المدرسي
لجميع الفرق- باستثناء أفراد محدودين في بعض الفرق).
3. تواضع شديد للتصميم التعليمي، وبروز ثغرات قد
تناقض الأهداف التربوية المرجوة، ويتضح ذلك في ضعف الفرق في اختيار وتوظيف الصور
والرسوم في الكتاب المدرسي، وضعف الإخراج بشكل عام.
4. غرابة الصياغة في بعض الكتب ووجود ملاحظات عديدة
(لغوية، إملائية) في بعض المنتجات، إضافة إلى بروز لهجات مختلفة في بعض الكتب
الدراسية (عللت بعض الفرق ذلك لعدم وجود مختصين في اللغة العربية).
رابعاً: قضايا الخلل الجوهرية في المشروع:
أ: بناء الوثائق:
افتقد المشروع الشامل لتطوير المناهج المنهجية
العلمية في بناء وثائق المنهج، إذ أن الخطوات الأولى التي كان يجب أن ينطلق منها
المشروع تشمل:
· بناء وثيقة وطنية للمنهج، تضع الإطار العام للرؤية
التربوية للوزارة ولمنطلقات التطوير في المناهج، إضافة إلى الكفايات والأهداف
الرئيسة لكل مجال.
· بناء خريطة مفاهيمية تحدد تدفق المفاهيم التربوية
في كافة المجالات ليتم ضمان عدم التكرار في طرح المعلومات أو تضادها، ولضمان تعزيز
المجالات الدراسية لبعضها.
وهاتين الخطوتين متلازمتين، لا
يمكن فصلهما عن بعضهما.
ونتج عن هذا الخلل تباين شديد
لوثائق المنهج للمواد المختلفة ، حيث أن أنها مختلفة التصميم والمحتوى، فبعضها ركز
على أهداف عامة وبعضها أوغل في التفاصيل الدقيقة في الموقف التعليمي وأغلبها أهمل
الرؤية التربوية (فلسفة العلم).
ورغم أنه كانت هناك محاولات
للتغلب على المشكلة بشكل مبسط وذلك عن طريق الاجتماعات بين الفرق المعدة للوثائق
منذ ثلاثة أعوام تقريباً، وذلك لحذف المتكرر والمتعارض من المفاهيم والمعلومات ،
إلا أن التعديلات اللاحقة على الوثائق ألغت فائدة ذلك التنسيق، وانتفت الفائدة من
ذلك التنسيق بعد التعديلات الأخيرة في الخطة الدراسية واللتي تطلبت وثائق جديدة.
ب: غياب المنهجية العلمية في اتخاذ القرارات
المصيرية المؤثرة على عمل الفرق:
وأبرز الأمثلة على ذلك يتمثل في الآتي:
1: تشكيل فرق التأليف:
1-1: تشكيل فرق من أشخاص ليس لهم خبرة سابقة في
مجال التأليف للكتاب المدرسي.
1-2: تشكيل فرق مختلفة في أماكن متباعدة يصعب
التنسيق بينها لتوحيد العمل.
1-3: بعد أماكن عمل الفرق أدى كذلك إلى صعوبة
الإشراف المباشر من قبل الوزارة.
1-4: العشوائية في اختيار الأفراد مما ترتب
عليه نقص حاد في تخصصات يحتاجها أي فريق تأليف.
2: تعديل الخطة الدراسية في مرحلة متأخرة من
المشروع:
تبنت
الخطة الدراسية منهج التكامل بين المواد في ذات التخصص إلا أنه يلاحظ الآتي:
2-1:لم
تشارك لجان متخصصة في الوزارة في إعداد الخطة الدراسية أو دراستها.
2-2:كذلك
لم تشترك لجان التأليف في دراسة الخطة في جميع مراحل إقرارها.
2-3:لم يرفق مع الخطة أي تصور
للتكامل المطلوب مما يدل على أن دراستها كانت لإقرار الفكرة وليس لبحث إمكانية
تقديم المادة بصورة متكاملة، مما نتج عنه عدم فهم فلسفة تكامل المواد لدى فرق
التأليف.
2-4:صدور
الخطة في مرحلة متأخرة بعد مضي وقت في العمل على تأليف مواد منفصلة.
3: المصداقية والشفافية في عرض تقدم المشروع:
من
خلال الاجتماعات المتتالية مع فرق التأليف والفرق العلمية وإدارة المشروع يلاحظ
الآتي:
3-1:
ليس هناك وضوح تام لدى الجميع حول إمكانية إنهاء العمل حسب التخطيط المسبق.
3-2: المواعيد المعطاة من قبل
فرق التأليف والفرق العلمية غير دقيقة وثبت عدم صدقها في جميع التقديرات السابقة،
ويرجع سبب ذلك إلى عدة عوامل منها ما يتعلق بالفريق نفسه (عدم المقدرة على تصور
حجم العمل، خلافات في وجهات النظر، سوء تنسيق مع الفرق الأخرى ذات العلاقة مثل
الدعم الفني ودمج التقنية) ،ومنها ما يتعلق بعوامل خارجية (تعديل الخطة الدراسية،
الدعم الفني، الأمور المالية).
خامساً: حلول مقترحة:
1.
تأجيل تطبيق تجربة المشروع لعام
قادم (1426-1427هـ).
2.
تريث عمل الفرق إلى أن تنتهي
اللجنة المقترحة في فقرة 4 (أدناه) من عملها.
3. إيقاف
أي اجتهادات فردية سواء من قبل الفرق أو من الوزارة فيما يتعلق بالمشروع، وتحديد
صلاحية اتخاذ القرار إلى لجنة مختصة برئاسة الوكيل للتطوير.
4. تشكل
لجنة برئاسة سعادة وكيل الوزارة للتطوير وعضوية اللجنة الحالية مع إضافة عناصر
أخرى عند الحاجة، لأجل وضع خطة لتحديد ملامح الخلل وسبل علاجها، بما في ذلك
المسائل العالقة مثل: تعديل الوثائق، الدعم الفني، الأمور المالية، دمج التقنية في
التعليم.
5. تعطى
للجنة المشكلة صلاحية كاملة في تعديل تشكيل الفرق (التأليف والعلمية)، مع تكثيف
عمل اللجنة وإعطاء الأولوية لهذا العمل .
د. صالح بن عبدالله العبدالكريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق